الجمعة، 10 أبريل 2020

جوانب الحب عند ابن حزم الاندلسي

جوانب الحب المُشرقة
للحب مراحل فصّلها ابن حزم، ولكن لكل مراحل الحب جانبان لا ثالث لهما: جانب مُشرق تبتهج به الروح ويسر به القلب، وجانب مُظلم تظلم به الحياة وتضيق روح المُحب به وتصل للحلقوم.

علامات الحب
للحب علامات لا يُخطئها مُبصر، عدَّدَ ابن حزم وفصّلَ تلك العلامات ما بين: السهر، واستطياب الجلوس بقرب المحبوب، ومطاولة النظر، والفزع عند رؤيته أو رؤية شبيه له أو سماع اسمه فجأة، وأن يقبل من محبوبه ما لا يقبله من سواه، وأن تصبح كل نوائب الدهر هينة طالما كان محبوبه بقربه، وأن يغفر لمحبوبه كل خطأ على الدوام ويعود الود كما كان.

ويحكي قصة عن ذلك فيقول: أنه كان يومًا جالسًا في دكان إسماعيل بن يونس الطبيب، وكان رجلًا ذا فراسة، فقال له أحد جُلسائه وكان مجاهد بن الحصين القيسي: ما تقول في هذا؟ فنظر إليه وقال: هو رجل عاشق، فقال له: صدقت، فمن أين قُلت هذا؟ قال لبُهت مُفرط ظاهر على وجهه فقط دون سائر حركاته؛ فعلمت أنه عاشق وليس بمريب.

وللمحبة أنواع فمن الناس من يحب في النوم، ومنهم من أحب من الوصف، ومنهم من يحب صفة بعينها فيحب كل من وجدت فيه هذه الصفة، ومنهم من أحب من نظرة واحدة، ومنهم من لا يحب إلا مع المطاولة كما ابن حزم فيقول:

وما لصق بأحشائي حُب قط إلا مع الزمن الطويل، وبعد مُلازمة الشخص لي دهرًا وأخذي معه في كل جد وهزل.
ويعلق على ذلك بأبيات من الشعر:

محبة صدق لم تكن بنت ساعة               ولا وريت حين ارتياد زنادها
ولكن على مهل سرت وتولدت                بطول امتزاج فاستقر عمادها
وللمحبة دروب من بينها المُراسلة:
الرسائل كانت وما زالت من أبرز الطرق التي يستخدمها المحبون للتواصل، هيئة الرسائل الغرامية لا تكون كغيرها من الرسائل فيجب أن يكون الخطاب ألطف الأشكال وجنسه أملح الأجناس، ويجتهد المحبون في إبراز حدة مشاعرهم والتهاب عواطفهم، وفي ذلك قصة يرويها ابن حزم: أنه رأى خطابًا من محُب لمحبوبه كتبه بدم يده!

صحيح أن المُحب تفضحه عيونه، لكن يبقى طي سر المحبة أمرًا يحرص عليه كل المحبين. يُحكى أن:

أحد الشعراء بقرطبة قال شعرًا تغزّل فيه بصبح أم المؤيد، فغنت به جاريةٌ أُدخلت على المنصور محمد بن أبي عامر ليبتاعها، فأمر بقتلها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم في مدونتي