الثلاثاء، 24 مارس 2020

ابن حزم "الرائد الأول لحقوق المرأة"

ابن حزم "الرائد الأول لحقوق المرأة"
أعطاها حقها وحملها المسؤولية



إنه ابن حَزْم [1] (384 - 456هـ / 994 - 1063م) الفقيه الظاهري، والشاعر، والأديب، ودارس الملل والنحل، مناهض الرِّقِّ والعبودية، ونصير المرأة [2] "كان أبو محمد ابن حزم حامل فنون؛ من حديث وفقه وجدل ونسب، وما يتعلق بأذيال الأدب، مع المشاركة في كثير من أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة، وله في بعض تلك الفنون كتب كثيرة"[3].



لعبت كتابات ابن حزم دورًا كبيرًا في تحسين مكانة المرأة في الأندلس، ويكفي أن نلقي نظرة على كتاب "طوق الحمامة" لنجد ابن حزم ينادي بتحرير المرأة، واحترام حرياتها[4]، ويقص علينا الكثير من أسرارها دون حرج أو إنكار، ودون أن يلاحقها بالسب واللعن، كما حدث من جانب بعض الفقهاء والمتشددين.




اهتم ابن حزم بالمرأة في كل دراساته، وأعطاها حقها في الهيئة الاجتماعية، وساواها بالرجل مساواة تامة في الحقوق الإنسانية



وقد فسر ابن حزم قوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34] بأنها قوامة لا علاقة لها بالحقوق والطبيعة الإنسانية، أو القدرة على تصريف الأمور، ولو كانت قوامته (أي الرجل) بهذا المعنى للزم أن يكون كل رجل أفضل من كل امرأة، وهذا - في نظر ابن حزم - لا يستقيم في لغة العقل، وفي نظره أن المرأة هي التي تعلم الأطفال..تعلمهم القرآن والحديث والشعر والخط، ومن الطبيعي أن يبدي الطفل اهتمامه بالمرأة في سن مبكرة، فإذا أصبح شابًّا رأى اهتمام الكبار بالشعر والغزل والمغامرات..ورأى عددًا كبيرًا من النساء في بيته وفي بيت غيره من الكبراء والأثرياء..وكان ابن حزم واحدًا منهم، ويرى البعض أن تربية ابن حزم على يد النساء وظروف نشأته التي تميزت بالرخاء أثرت على إنتاجه؛ فأصبحت صورة المرأة عنده إيجابية[6].





ناقش ابن حزم آراء الفقهاء الذين لم يقدروا المرأة قدرها قائلًا: "وجائز أن تلي المرأة الحكم، وهو قول أبي حنيفة - وقد روي عن عمر أنه ولى "الشِّفَاءَ" امرأة من قومه - محتسبة في السوق، فإن قيل: قد قال رسول الله: ((لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة))، قلنا: إنما قال ذلك رسول الله في الأمر العام الذي هو الخلافة، برهان ذلك قوله: ((المرأة راعية على مال زوجها، وهي المسؤولة عن رعيتها))، وقد أجاز المالكية أن تكون وصية ووكيلة، ولم يأتِ نص في منعها أن تلي بعض الأمور"[7].






أجاز ابن حزم أن تتولى المرأة وظيفة لها خطرها وجلالها العظيم، وهي وظيفة القضاء[8]، وقد منعها أكثر الفقهاء من ذلك، ويؤكد ابن حزم على مساواة المرأة بالرجل - في حدود تخصصها؛ فالجهاد على المرأة ندب ولا نهي عنه، وجهادها الحج، والنفار للتفقه في الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب عليها كوجوبه على الرجال، وفرض عليها التفقه في كل ما يخصها، كما أن ذلك فرض على الرجال، وفرض عليهن كلهن معرفة أحكام الطهارة، والصلاة، والصوم، وما يحرم من المآكل والمشارب والملابس، وغير ذلك كالرجال ولا فرق،ولو تفقهت امرأة في علوم الديانة للزمنا قبول نذارتها، وقد كان ذلك؛ فهؤلاء أزواج النبي وصواحبه قد نقل عنهن أحكام الدين، وقامت الحجة بنقلهن، ولا خلاف بين أصحابنا وجميع نحلتنا في ذلك" [9].



أعطى ابن حزم للمرأة كل حقوقها، بل وكل حق يمكن أن يعطيه لها أي فقيه آخر بمن فيهم أبو حنيفة - رضي الله عنه، وفي المقابل حملها مسؤوليتها كاملة تجاه الرجل،ويمنع ابن حزم التفريق بين الزوج وزوجه إذا لم ينفق عليها، بل إنه فوق هذا يوجب عليها الإنفاق إذا كان معسرًا وعجز عن الكسب، وهي غنية ذات مال، ففي هذه الحالة تجب نفقته عليها؛ وذلك لأنها وارثة، وبمقتضى ظاهر النص في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ [البقرة: 233] عند الكلام على النفقة، وهي وارثة، فتجب عليها نفقته إذا عجز عن الكسب[10]،وفي ذلك يقول ابن حزم: "فإن عجز الزوج عن نفقة نفسه، وامرأته غنية، كلفت النفقة عليه، ولا ترجع عليه بشيء من ذلك إذا أيسر"، وأجاز المذهب الظاهري في الزكاة أن: "تعطي المرأة زوجها من زكاتها"[11].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم في مدونتي